الصداقة
تاهت الحروف وعجزت الكلمات أن تصتف بإنتظام لنتكلم عن الصداقة , فالصداقة هي بريق اللؤلؤ وهي لمعة الألماس , وإن قلت ذهب فهي أغلى فإنها كالعُش الطائر وكالشمس التي تشرق من بين غيوم قد تراكمت في السماء.
تلك الفتاة كانت ضحية لدوامة قد لقتها في وسط بحر أسود , أذكرها عندما كانت تقود مركب أحلامها منذ الطفولة في الطريق الصحيح إلى أن واجهتها تلك العاصفة الموجاء التي تحمل باخرة مليئة بالفتيات اللواتي قد اغرقن مراكب أحلامّهن ليركبن في تلك الباخرة السوداء , يسحبن في طريقهن مراكب أخرى كانت تسير باستمرار , وها هي تلك الفتاة تنظر تارة إلى مركبها وتارةً إلى الباخرة .
كل إنسان في هذا العالم يخطئ فنحن لسنا أنبياء لنكن مُعصمين من الخطأ وإن كنا من أصحاب العقول الواعية لا نكرر الخطأ أكثر من مرة ... ولكنها أخطأت حتماً ودّعت ذلك المركب ظانَّ أن الزعيم في تلك الباخرة , سارت الباخرة وهي معها حتى أصبحت تحّن إلى أيام تخلو من المعاصي ومن أخطاء قد اعتدت عليها واعتبرتها قدراً لها... فتلك هي صداقة السوء قد أخذتها في بحر المعاصي لتبقى نقطة سوداء في قلبها تعود إليها في ذاكرتها فتسرع دموع الندم والحسرة , أخطأت ولكنها عادت لتبني مركب أحلامها من جديد بعد أن غادرت تلك الباخرة السوداء , وها هي الآن قد اتّخذت من الطريق الصحيح بلسماً لجروح قد زرعتها تلك الباخرة في دفتر مذكراتها . فما أجمل أن ندرك خطئنا في وقت باكر وقبل فوات الأوان وأجمل من هذا أن لا نكرر الخطأ ثانياً , فتلك هي الدنيا تأتينا وتُمهلنا في اختيارهم بقوا إلى جانبنا في السراء والضراء وفي الفرح والحزن وفي كل لحظة , أمّا إذا ذهبنا خلف صداقة بالية فلا بّد لنا من ذنوب ومعاصي ... فهذه قصة من الواقع أكتبها لتكون عبرة لكي أُختي واعلمي أنّ هذه الدنيا صفحات من كتاب لا بدّ أن يُغلق أبداً وأنَّ على كل منّا اختيار صفحته لتكون خير ذكرى لهُ ولتكون سبب لهُ في الفردوس الأعلى...